أصبحت بعض الدول الإفريقية تُكنى بأسماء دول ومدن خليجية نظراً لحجم الموارد الحيوية التي تزخر بها القارة الإفريقية، فالصومال يُطلق عليها كويت أفريقيا لإحتياطها النفطي الكبير، وبوتسوانا يُطلق عليها دبي إفريقيا لتطورها فهي تمثل قصة لنجاح التنمية، وموزمبيق يطلق عليها قطرإفريقيا لإحتياطها الضخم من الغاز الطبيعي المسال
دعونا نسلط الضوء على المصالح الخليجية في موزمبيق التي تبدو فرصة حقيقية لإرساء إستراتيجية خليجية إفريقيه يستفيد منها الطرفان وهي فرصة لنبذ الخلافات السياسية التي لا طائل من وراءها ويدفع ثمنها من مستقبل المواطن الخليجي
دولة الإمارات : تدعم الإمارات قطاع التعليم في موزمبيق وذلك بدعم صندوق موزمبيق الذي يحمل شعار”التعليم لا يتوقف”، وتعد هذه المبادرة جزءاً من إستراتيجية الأمم المتحدة لشباب 2030، وإنطلاقاً من حرص الإمارات على قضية الأمن الغذائي تم الإستثمار في القطاع الزراعي خاصة أن موزمبيق تمتاز بظروف مناخية وفرت لها فرصه مضمونه لشتى المحاصيل الزراعيه، كما تعتبرشركة موانىء دبي العالمية من الشركاء الرئيسين لشركة مابوتو لتطوير الموانىء، ومن الجدير بالذكر أن هناك سبع شركات موزمبيقية تعمل في الإمارات يقابلها ثلاثون شركة إماراتية تعمل في موزمبيق وعزز هذا التعاون توقيع إتفاقية خدمات نقل جوي تصب في مصلحة النمو التجاري والإستثماري وتنمية الشركات في مختلف القطاعات
دولة قطر : نجحت الدوحة في الحصول على حصة تشغيلية في ثلاث مناطق تنقيب بحري في موزمبيق، وجاء التوجه القطري موفقاً بسبب خطة موزمبيق لأحد أكبر مشاريعها في قطاع الغاز الطبيعي المسال، ومن خلال قطر للبترول تم الإتفاق مع أكسون موبيل الأمريكية وإيني الإيطاليه حول نوع المشاركة في غاز موزمبيق والذي ينطوي على إستثمار مشترك حقق أرباحاً دفع عجلة التنمية الموزمبيقية وساهم في تخفيف الديون، ويرى الخبراء أن الغاز الطبيعي هو الوقود الرئيسي للتحول إلى إقتصاد منخفض الكربون مع تزايد المخاوف بشأن تغير المناخ والإحتباس الحراري، وتعتبر الدوحة من اللاعبين الأكثر نفوذاً في سوق الغاز الطبيعي المسال ولها خطتها لزيادة الطاقة الإنتاجية بحلول 2023-2024، ولدعم كل ذلك وقعت قطر مؤخراً إتفاقية الخدمات الجوية مفتوحة الأجواء بكامل حقوق النقل مع موزمبيق
دولة الكويت : ظهرت المشاريع الكويتية في موزمبيق أول مره عام 1982 وأستمرت حتى اليوم، فلقد أسست الكويت شبكة كهرباء في المناطق النائية كإقليم نياسا، ودعمت قطاع التعليم العالي حيث شيدت المعاهد العلمية في مختلف التخصصات وربطتها بشبكة إلكترونية وخدمات إستشارية، ونجحت الكويت عام 2015 بتطوير مشروع صناعي زراعي بهدف إنتاج الإيثانول بقيمة 1.5مليار دولار، تبعتها مشاريع إستثمارية بقيمة 26 مليار دولار، كما أنشئت الكويت وحدة لتحويل الفحم إلى وقود سائل بتكلفة 13 مليار دولار، وفي 2017 قامت شركة أجليتي وهي شركة تابعه لشركة الخدمات اللوجستية الكويتية بالتعاون مع شركات موزمبيقية في البدء بتأسيس مشروعات مشتركة، ومن الجدير بالذكر أن أجليتي من أهم الشركات اللوجستية في الشرق الأوسط
المملكة العربية السعودية : وقعت موزمبيق مع شركة أكواباورعقد إمتياز لمدة 25 عاماً لتطوير مشروع لتوليد الطاقة من الفحم بقدرة 300 ميجاوات ويعد هذا أول مشروع واسع النطاق لتوليد الكهرباء في موزمبيق كما أنه مشروع ذو قيمة إقتصادية وإجتماعية كبيره فهو سيوفر فرص عمل في برامج التنمية الشاملة وسيعزز مكانة أكوباور كمطور طاقة سريع التوسع في جنوب القارة الإفريقية، وتتعاون الرياض مع مابوتو في نقل المواد الهيدروكربونية حيث تستفيد موزمبيق من خبرة المملكة في هذا المجال،كما يتعاون الطرفان في إستضافة التدريب على الأمن البحري مثل الذي إقيم في المملكة عام 2016
سلطنة عُمان : إتفق الصندوق السيادي العُماني مع شركة كنمار الإيرلندية على إستثمار يصل إلى مائة مليون دولارلإكتشاف ودائع المعادن مثل الألمنيت والروتيل في منطقة نامبولا الموزمبيقية، وعزز ذلك الإستثمار بتضاعف الرحلات الجوية بين مسقط و مابوتو لدعم التعاون الإقتصادي وقطاع السياحة
مملكة البحرين : أسست المنامه ومن خلال شركة ميدال للكابلات مصنع ألمنيوم في العاصمة مابوتو بقيمة 65 مليون دولار،وأكدت البحرين أن موزمبيق تمثل فرصه لشركة ميدال للإنتشارفي السوق الإفريقية
تبدو المصالح الخليجية في موزمبيق متنوعة وفي حالة تضاعف ويرجع السبب في ذلك إلى بروز مابوتو كواجهة إستثمار لكبرى الشركات العالمية، وحرصاً منا على الحفاظ على المصالح الخليجية وتفادياً لما لا يحمد عُقباه مُستقبلاً وحتى لا تتحول مابوتو والعواصم الإفريقية الأخرى إلى ساحة تصفية حسابات بين العواصم الخليجية أرى أن تعمل دول مجلس التعاون الخليجي على الإستفادة من بعضها البعض في موزمبيق وفي العواصم الإفريقية الأخرى ولعل وعسى أن يكون ذلك سبيلاً لتجاوز الخلافات السياسية والمُضي قدماً نحو التكامل الخليجي الذي نتوق إليه كمواطنين خليجيين فالواقع السياسي في مابوتو خصوصاً وفي إفريقيا عموماً يؤكد أن وجود المصالح الخليجية في تكتل خليجي جماعي سيعززها بشكل يفوق وجودها منفرده ناهيك عن تعزيز الخبرة السياسية الخليجية لحقيقة الميدان الإفريقي وكيفية إدارته والتي يفتقر إليها صانع القرار السياسي الخليجي حتى الأن
مركز العلاقات الخليجية الأفريقية
ورقة منشورة في الصحافة الإماراتية والأفريقية في ديسمبر 2019
https://www.albayan.ae/opinions/articles/2019-12-26-1.3736184
لا يوجد تعليقات