بعض مهندسي صنع القرار السياسي في بعض العواصم الخليجية لم يطلعوا على المشهد السياسي الأفريقي منذ حقبة الخمسينيات والستينات وهي الحقبة التي شهدت تحرر واستقلال معظم الدول الأفريقية، ولم يتعرفوا على ملامح تلك القارة من الداخل إلا بعد أن وجدوا أمنهم القومي على المحك بعد تنامي قوة “الحوثي” في جنوب الجزيرة العربية، وحتى هذه اللحظة لا يدركون الأبعاد الإجتماعية والفكرية والنفسية للمكونات الشعبية الأفريقية بإختلاف تكوينها الإثني والجهوي والديني والعرقي واللغوي.
فالشعب الخليجي في عمومه لم يتعرف على أفريقيا الحديثة ولا ملامحها التاريخية إلا من خلال أطراف “غير إفريقية” دأبت حتى هذه الساعة في تصدير صورة تغالط الواقع الإفريقي وذلك بتصدير مؤلفات تجبر القارىء الخليجي “تحديداً ” على رؤية إفريقيا من خلال منظورها الخاص وهذا هو الفخ التاريخيّ الذي وقعت فيه بعض التوجهات الدبلوماسية الخليجية في التعامل مع إفريقيا كقارة وهذا ما يجب الوقوف عنده وتصحيح مساره قبل فوات الأوان، ومن خلال مقارنتي بحقيقة الوضع السياسي الدقيق في شرق افريقيا عموماً أري أن حقيقة الوضع السياسي الأفريقي بشكل عام لابد من تفنيدة للقارىء الخليجي الذي يجهل حقيقة الميدان الأفريقي الذي لا يراه إلا عبر شاشات التلفاز، فلا يمكن مُقارنة المشهد السياسي الدقيق في الشرق الإفريقي مثلاً بالمشهد السياسي في الغرب الإفريقي الذي يبدو للعيان بأنه أكثر إستقراراً وإن كان في حقيقتة أعمق تدهوراً وأدق عنفاً وإن لم يكن ذلك ظاهراً إلا في كواليس الإبتزاز السياسي والجدال حول مفهوم السيادة الوطنية ومن يدعيها، ففي الوقت الذي لا تستطيع دولاً مثلاً دول القرن الأفريقي أن تتجاوز العرقية والإثنية لن نجد ذلك ظاهراً في أقصى الغرب الأفريقي الذي تجاوز إلى حد ما تلك المرحلة وأصبح يُفكر في كيفية التخلص من بقايا القيود الإستعمارية التي يراها سبباً في حرمانه من الدخول لدورة الحياة وقس على ذلك دول الجنوب والوسط الإفريقي.
افتقار الذهن الخليجي لتاريخ وجغرافية المجتمعات الإفريقية، وتركيبتها الداخلية المتعددة سينعكس سلباً على مستقبل العلاقات الخليجية الإفريقية التي تحتاج إلى فهم أعمق لإدراك تلك الكثير من الحقائق قبل نسج العلاقات.
د.أمينة العريمي
باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي
العلاقات الخليجية الإفريقية “وفقاً لوجهة نظر خليجية
