تعددت الأراء في ملف الصحراء الغربية، فرغم إعتراف الإتحاد الأفريقي وأغلب الدول الأفريقية بالجمهورية العربية الصحراوية إلا أن الإعتراف الأمريكي الأخير بسيادة المغرب على الصحراء الغربية له ما بعده وتأثيره سيطال الدول الأفريقية، وبالرغم من أننا كنا نعمل على هذا الملف قبل الإعتراف الأمريكي الأخير بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، إلا إننا حاولنا في هذا التقرير عرض بعض الأراء لبعض النخب الأفريقية الصاعدة :-
د.أدومة بابكر الأنصاري / الخبير في الشؤون الأفريقية / جمهورية السودان
د.أيدير غنيات / الخبير في العلاقات الدولية/ الجمهورية الجزائرية
الباحث السياسي إدريس السنوسي / جمهورية نيجيريا
كما أشرنا إلى رؤية الكاتب المغربي علال الأزهر المنبهي من خلال مؤلفه العلمي ( الصحراء المغربية “جدل الوحدة والتجزئة) الصادر في يناير 2020
يقول الدكتور أدومة بابكر الأنصاري الخبير الإستراتيجي في الشوؤن الأفريقية أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تتغيرتجاه ملف الصحراء الغربية حسب الظروف والمصالح، فالإهتمام الأمريكي بمنطقة شمال أفريقيا بدأ أثناء الحرب الباردة، وكان الرؤساء الأمريكيين ينظرون إلى النزاع الصحراوي على أنه يدخل ضمن الصراع الذي كان سائداً بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشرقي الذي كان يتزعمه الإتحاد السوفيتي، لكن الوضع أصبح مُختلفاً في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما والذي كان ينظر للنزاع الصحراوي على أساس أنه مشكلة تصفية للإستعمار ومن حق الشعب الصحراوي أن يقرر مصيره عن طريق تنظيم الإستفتاء.
في ضوء هذه المستجدات ما الذي يعنيه الموقف الأمريكي الأخير من قضية الصحراء الغربية؟
ظلت الولايات المتحدة تدعم المملكة المغربية إلى حد كبير في هذا النزاع خلال الحرب الباردة، وكانت واشنطن تنظر إلى البوليساريو على أنها موالية للإتحاد السوفيتي وحصلت على دعم من ليبيا في عهد الرئيس السابق معمر القذافي، وكذلك من الجزائر وكوبا، إلا أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية تغير تجاه ملف الصحراء الغربية وإنتقل الموقف الأمريكي من مركز عدائي كان يقف ضد ظهور دولة جديدة بزعامة جبهة البوليساريو تنتهج النظام الإشتراكي إلى موقف داعم للشعب الصحراوي عن طريق إستفتاء تقرير المصير.
لذلك رأت الخارجية الأمريكية في ١مايو ٢٠٠٨ وجود نوع من الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الواقعي الوحيد لحل هذا الأزمة القائمة منذ فترة طويلة، ودعت واشنطن الأطراف إلى التركيز في المباحثات المستقبلية على نظام الحكم الذاتي يقبله الطرفان ويتفق مع طموحات وآمال الشعب الصحراوي، لذلك عرضت الرباط خطة الحكم الذاتي والتي تعتقد أنها حل قد يخدم حقوق الإنسان في الصحراء الغربية و مخيمات تندوف للاجئين.
نجد إن الإهتمام الأمريكي بأزمة الصحراء الغربية يدخل ضمن تطبيق السياسة الجديدة لأمريكا تجاه شمال أفريقيا، والتي تهدف إلى ربط أمريكا بأفريقيا إقتصادياً وإستراتيجياً بإعتبار أن سوق أوروبا الشرقية سابقاً إحتضنته أوروبا الغربية الموحدة بعد نهاية الحرب الباردة بين القطبين الغربي والشرقي، ولذا أصبحت قضية الصحراء الغربية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية هي بمثابة تصفية للإستعمار، وبالتالي وجب على الولايات المتحدة الأمريكية الوقوف إلى جانب جبهة البوليساريو بإعتبارها إمتداداً لأفكار الثورة الأمريكية التي قامت على الحرية وضد الإستعمار.
الكونغرس الأمريكي والأزمة في الصحراء الغربية
إهتم الكونغرس الأمريكي بأزمة الصحراء الغربية منذ بداية التسعينات، وفي هذا الصدد قرر مراقبة الأوضاع عن قرب وبمعزل عن البيت الأبيض، ولقد تكرس دعمه للقضية من جديد في سبتمبر ١٩٩٧ وذلك بالتصويت على لائحة تدعم الشعب الصحراوي في تقرير مصيره عن طريق إستفتاء حر وعادل، وفي يناير ١٩٩٨ أسس الكونغرس لجنة (sahara congressiste causes of the Western) بغرض متابعة عملية تنظيم إستفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، ويعتقد أغلب نواب الكونغرس أن سيادة الأمن في المنطقه يفتح الطريق نحو الإستقرار الإقتصادي الأمريكي في المنطقة، ولا يأتي هذا إلا بعد تنظيم إستفتاء تقرير المصير، يمكن أن يؤدي إلى إستقلال شعب الصحراء الغربية، ناهيك عن أن اللجنة المذكورة كانت توصي بأن تبقى الإدارة الأمريكية على علاقات طيبة مع المغرب.
وإمتد عمل اللجنة إلى أن أصبحت تعمل على ربط التقارب بين الإدارة الأمريكية ومسؤولى جبهة البوليساريو، وإنعكس ذالك إيجابياً أثناء الزيارة التي قام بها الأمين العام لجبهة البوليساريو إلى الولايات المتحدة الأمريكية في ١٢\٣\١٩٩٩ حيث إلتقى بمجموعة من نواب الكونغرس الأمريكي، وفي إطار هذه العلاقات قدم ٣٣ نائب في الكونغرس الأمريكي إلى الرئيس السابق باراك اوباما رسالة يطالبون فيها بدعم حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، مع العلم أن هذه الرسالة تزامنت مع الإجتماع الدوري لأعضاء مجلس الأمن الدولي الذين صادقوا على اللائحة رقم (1871) التي تضمنت مطلباً جوهرياً حول ضرورة تخويل بعثة الأمم المتحدة دوراً في الصحراء الغربية (MINURSO) لمراقبة وضعية حقوق الإنسان في المدن الصحراوية، وعبر النواب الأمريكيون في رسالتهم إلى الرئيس أوباما عن قلقهم العميق إزاء ما يجري في المدن الصحراوية من إنتهاكات متواصلة ضد المدنيين الصحراويين وناشدوه أن يطلب من الأمم المتحدة القيام بتحقيق دقيق حول هذه الأوضاع، وبذلك نالت قضية الصحراء إهتمام الإدارة الأمريكية خاصة بعد تعيين المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس خلفاً للسيد بيتر هانس .
العلاقات الأمريكية المغربية وتأثيرها في الصحراء الغربية.
لا شك في أن المغرب تعتمد على النهج الليبرالى في السياسة الإقتصادية، ولهذا فإنها الحليف الطبيعي للولايات المتحدة الأمريكية بكونها تتزعم النظام الليبرالي في العالم، وتعد واشنطن من أكثر الدول تسليحاً للمغرب، فضلاً عن أنها تتمتع بعلاقات إقتصادية متميزة مع الرباط ، فضلاً عن الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به المغرب بإعتبارها المتحكمة في المدخل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، ومن ثم فإن الولايات المتحدة لها مصلحة حيوية في أن تتعامل مع حكومة مغربية صديقة، ومن جهة أخري ونظراً للمصالح الأمريكية المُعتبرة في شمال أفريقيا، يجدر الإشارة أن الموقف الرسمي للروؤساء الأمريكيين كان حذراً في تعاملهم مع ملف الصحراء الغربية، وبالرغم من العلاقات المميزة مع المغرب إلا أن واشنطن تحاول دائماً إيجاد نوع من التوازن في علاقتها مع دول المنطقة بصفة عامة ومع الجزائر بصفة خاصة، وبذلك إنتهجت الولايات المتحدة أسلوب الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة، وكانت تحذر المغرب من إستعمالها للأسلحة في حربها ضد البوليساريو، ففي مارس ١٩٧٨ مثلاً إعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بأن المغرب إستخدم طائرات (F 5 ) بطريقة غير قانونية في الصحراء الغربية وبذلك أعلنت واشنطن وقف مد المغرب بأسلحة في تلك الفترة.
شهد عهد الرئيس باراك أوباما مراجعة حقيقة لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة شمال إفريقيا، تُرجمت بتجاهل المبادرات المغربية للحكم الذاتي والتي عبر عنها صراحة الرئيس الأمريكي في رسالة وجهها إلى العاهل المغربي خلال سنة ٢٠٠٩ يطلب فيها العمل على تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره، وفي مارس 2016 وفي ظل تصاعد الأزمة بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها للموقف المغربي ومخطط الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، وتاكيداً لذلك أعربت بعثة واشنطن لدي الأمم المتحدة عن دعمها لعمل بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، كما وصفت مشروع الحكم الذاتي المغربي للصحراء بالجدي والواقعي وذو مصداقية، مؤكدة دعمها لهذه الجهود، ويعد هذا الموقف هو الأول من نوعه منذ بداية التوتر بين الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) والرباط بسبب تصريحات بان كي مون بإستخدام لفظ (الإحتلال) في سياق حديثه عن الأزمة في الصحراء الغربية أثناء زيارته لمخيمات تندوف مما إعتبرته المغرب إنحيازاً وإنزلاقاً لفظياً خطيراً.
موقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الأزمة في الصحراء الغربية يعتبر عقبة سياسية أمام التسوية السلمية وذلك بعد ما إعترفت واشنطن بمغربية الصحراء مقابل إنضمام المملكة المغربية إلى ركب التطبيع والسلام العالمي مع إسرائيل، وإعتمد السفير الأمريكي في الرباط الخريطة المغربية الجديدة التي تضم الصحراء الغربية كجزء لآ يتجزاء من المملكة المغربية، بل وتم إعتبار الصحراء الغربية هي الإقليم الجنوبي للمملكة المغربية، وهذه الخطوة قد تغير مستقبل الصراع القائم بين المغرب وجبهة البولساريو في نقاط كثيرة أهمها: –
- هل الخريطة المغربية التي إعتمدتها الولايات المتحدة الأمريكية وأهدتها للملك المغربي محمد السادس ستجد إعتراف من الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي؟
- هل ستُصنف جبهة البوليساريو كجماعة إرهابية في المستقبل؟
- هل الإعتراف والتطبيع سيضع الجزائر وكأنها تبدو ضد المجتمع الدولي في ظل مكانة الولايات المتحدة الأمريكية داخل مجلس الأمن ؟
أما الكاتب المغربي علال الأزهر من خلال كتابه ( الصحراء المغربية :جدل الوحدة والتجزئة) الصادر من منشورات دار التوحيدي ( الرباط ) في يناير 2020، فيقول ترى الجزائر في ملف الصحراء المغربية بأنها قضية جزائرية فجندت كل إمكانياتها الإقتصادية والسياسية والدبلوماسية للدفاع عنها ورمت بعرض الحائط بكل المحاولات للعمل الوحدوي المغاربي، فلماذا تصر الجزائر على التمادي في خوض هذه المعركة ضد المغرب؟ ما هي خلفياتها وأهدافها ؟ هل هو هوس أو جنون العظمة والهيمنة؟ أم بسبب جرح حرب الرمال الذي ما زال نازفاً وهذا ما يدفع النظام الجزائري إلى محاولة الإنتقام من المغرب؟ أم هي الرغبة في إيجاد ممر إلى الأطلسي؟ أم مواجهة نظام ملكي إقطاعي يهدد نظاماً إشتراكياً جمهورياً كما كانت تروج لذلك جريدة المجاهد الرسمية في بداية النزاع؟
يبدو أن النزاع حول الحدود بين الجزائر والمغرب هو السبب الأقوى الذي حرك هذا العداء حسب معظم المحللين، فإستعادة الأراضي المغربية التي ضمتها فرنسا كانت مطلباً مغربياً منذ الإستقلال، ففي عام 1957 عرضت فرنسا على المغرب إقامة شراكة معه في تلك الأراضي الغنية بالمعادن وتوقيف دعم الثورة الجزائرية ولكن الملك محمد الخامس رفض العرض الفرنسي، وفي سنة 1961 وافقت الحكومة المؤقتة الجزائرية برئاسة فرحات عباس على إعادة الأراضي إلى المغرب ولكن بعد إستقلال الجزائر رفضت الحكومة الجزائرية تطبيق الإتفاق وبقيت أجواء التوتر تخيم على العلاقة بين البلدين إلى أن إندلعت حرب الرمال عام 1963 وبقيت مقولة الرئيس بن بله أنذاك ” المغاربة حكرونا” تدوي وسط النخبة العسكرية وقطاعات من الشعب الجزائري، ولذلك فالنظام الجزائري بعد إنقلاب بومدين كرس هذا العداء للمغرب وأخفاه مؤقتاً في إجتماع مؤتمر القمة العربي في الرباط 1974 عندما عبر عن تأييده للمغرب في إسترجاع الصحراء ولكنه نهج سياسة تناورية تجاه مشكلة الصحراء، فقد كان يدعم بطريقة غير مباشرة الإستعمار الأسباني لإعتقاده أن المغرب غير قادر على إسترجاع إقليم الصحراء، والموقف المبدئي من تقرير المصير تحول إلى غزو عسكري في يناير 1976 للصحراء بعد أن إستعادتها المسيرة الخضراء، فقد قرر النظام العسكري التدخل مباشرة في الصحراء إلى جانب جبهة البوليساريو وتوغلت القوات الجزائرية في الصحراء إلى حدود مغالا وإشتبكت مع الجيش المغربي وتكبدت الجزائر خسائر فادحة ولكن الملك الحسن الثاني أعاد الأسرى الجزائرين لأنه كان يتفادى تصعيد المجابهة العسكرية مع الجزائر.
لا شك أن قضية الصحراء بالنسبة للمغرب هي قضية نظام وشعب وقوى سياسية والنظام لا يملك خيار التنازل عن أقاليمه الجنوبية، وجدد شرعيته الوطنية بعد محاولتين إنقلابيتين، ومن المستحيل أن يفرط فيها فمن أجل إيجاد وتفادي الحرب مع الجزائر إقترح الحسن الثاني العلم وطابع البريد وسيتفاوض على الباقي، أما الملك محمد السادس فقد أكد في ذكرى 6 نوفمبر 2014 أن المغرب عندما فتح باب التفاوض من أجل إيجاد حل نهائي للنزاع حول الصحراء فإن ذلك لم يكن قطعاً ولن يكون أبداً حول سيادته ووحدته الترابية فمبادرة الحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن أن تقدمه الرباط وليست هناك أي قوة قادرة على فرض حل أخر على المغرب.
بعد الإعتراف الأمريكي أكد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني أن إعلان الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مرسوم رئاسي الإعتراف بمغربية الصحراء وسيادة المملكة على كافة أقاليمها الجنوبية، يعد إنتصاراً تاريخياً للقضية الوطنية ولمغربية الصحراء، مبرراً أن الأمر يتعلق أيضا بإنتصار لجهود الملك محمد السادس في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، وإعتبر عبد الرحمن شحشي في موقع هسبريس المغربي أن القرار الأمريكي “ضربة قاضية” لجبهة البوليساريو.
أما الباحث إدريس السنوسي من جمهورية نيجيريا الإتحادية يقول أن نيجيريا كغيرها من الدول المنضوية في الإتحاد الافريقي تنظر إلى قضية الصحراء الغربية على أن المغرب تمثل حالة إحتلال أخرى بعد إنسحاب الأسبان من تلك الصحراء، وأن الشعب الصحراوي يحق له تقرير حق مصيره، لذلك كان الدعم النيجيري القوي من أجل التحرير وتقرير المصير، وكانت نيجيريا من الدول التي إعترفت بــ ( الجمهورية الصحراوية ) عام 1984، وأقامت علاقات دبلوماسية رسمية معها، ولكن لم يكن للجمهورية الوليدة مقر دبلوماسي في نيجيريا حتى أفتتحت ( للجمهورية الصحراوية) سفارة لها في نيجيريا أواخر عام 2000 في العاصمة الفيدرالية ( أبوجا) من قبل حكومة الرئيس أولوسيغون أوباسانجو.
لكن اليوم على نيجيريا أن تعيد النظر مرة أخرى حول سياساتها الخارجية مع البوليساريو، ليس بالضرورة على حساب المنافسين (المغرب والجزائر) تحديداً، فنحن في وقت تغيرت فيه كل الأوضاع وكما هو معلوم الشيء الثابت في السياسة هو أنها متغيرة، نعم، لن يكون دعم مبدأ تقرير المصير محل شك كما في حالة جبهة البوليساريو،ولكن أمام نيجيريا الإجابة على سؤال واحد وهو: هل تفضل نيجيريا صداقة البوليساريو أكثر من صداقة المغرب في هذه الأوقات الخطرة في منطقة الساحل وهي تواجه مشكلة تمرد بوكو حرام في الجزء الشمالي الشرقي؟
دعم نيجيريا لــ ( البوليساريو ) قائم على مبدأ لكنه ليس في مصلحتها اليوم لأن على نيجيريا أن تنظر إلى الزاوية التي توفر أو تساعدها على توفير الإستقرار داخلياً وفي محيطها وفي السوق النفطي، خاصة أن المملكة المغربية لديها نفوذ طويل إلى حد ما في الغرب الإفريقي.
نيجيريا ليس لها مكاسب واضحة في علاقتها مع البوليساريو، ويجب على نيجيريا أن تبقي جميع الخيارات مفتوحة ولا يعرف المرء أبدًا من الذي قد يكون مفيداً لبلده في المستقبل أو أي مجموعة صغيرة يمكن أن تكون بيدق على لوحة الصندوق الدبلوماسي.
نحن في نيجيريا متعاونون مع جبهة البوليساريو ولكن مع عدم إثارة غضب وإستعداء الرباط التي قد تكون حليف مُحتمل في كفاحنا ضد الإرهابيين في منطقة الساحل أو دول أخرى في المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا ( إيكواس ) والذي نحن ملتزمون بموجب المعاهدة بتقديم المساعدة.
ملاحظات لا بدّ منها
في السنوات الأخيرة مع نمو التعاون الإقتصادي مع المغرب، تضاءل دعم البوليساريو في نيجيريا، وكذلك في بوتسوانا وتنزانيا ورواندا وإثيوبيا، بل إن نيجيريا كانت من بين الدول التي دعمت قرار عودة المغرب إلى الإتحاد الأفريقي بعد غياب دام عقود، وقد أثبت عام 2017 أنه نقطة تحول لكل من المغرب وداعمي البوليساريو على الأقل على الساحة القارية.
موقف الإتحاد الإفريقي من ( البوليساريو ) يعارض ضم المغرب للإقليم من حيث المبدأ، ونيجيريا واحدة من أعمدة الإتحاد الأفريقي وتتبع مبدأ الإتحاد الأفريقي.
أما الدكتور إيدير غنيات من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بمينيسوتا فرع السنغال يقول فيما يتعلق بملف الصحراء الغربية :
إنطلاقاً من بيان1 نوفمبر1954 للثورة التحريرية المظفرة والذي ينص على حق الشعوب في تقرير مصيرها والتصدي لكل أنواع وأشكال الإستعمار وتحرير القارة الأفريقية من الموجات الإمبريالية والحركات التوسعية التي نهبت خيراتها وخلفت مأسيها عبر عقود من الزمن ولا تزال فإن قضية الصحراء الغربية تندرج بالنسبة للجزائر ضمن هذا الإطار، حيث أن الشعب الصحراوي يعاني تحت وطأة الإحتلال المغربي والإستغلال غير القانوني لثرواته الطبيعية بما يتعارض مع اللائحة الأممية المتعلقة بحق الشعوب الخاضعة للإستعمار الأجنبي في تقرير مصيرها والتمتع بالإستقلال والقرارات الأممية المختلفة، وبالعودة للقانون الدولي واللوائح الأممية يأتي الموقف الجزائري من قضية الصحراء الغربية وفق قرار محكمة العدل الدولية من خلال رأيها الصادر سنة 1975 الذي تؤكد فيه المحكمة الدولية أن لا سيادة للمغرب على الصحراء الغربية التي تعد إقليماً مُحتلاً ينطبق بشأنه مبدأ تصفية الإستعمار إضافة إلى قرار محكمة العدل الأوروبية الأخير القاضي بأن الصحراء الغربية إقليم غير مستقل.
ترى الدبلوماسية الجزائرية بأنها ليست طرفاً في النزاع المغربي الصحراوي في القضية الصحراوية بل تسعى إلى تجسيد نضال الشعب الصحراوي المُستند للقرارات الشرعية الدولية لاسيما القرار 1515 للجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر بتاريخ 14 ديسمبر 1960 الذي نص صراحة على ضرورة الإسراع لوضع حد للإستعمار بجميع صوره ومظاهره دون قيد أو شرط ومباشرة إتخاذ تدابير فورية لتمكين شعوب الإقليم المستعمرة من تقرير المصير والإستقلال.
في هذا الإطار الخاص باللائحة الأممية المذكورة فإن الصحراء الغربية أدرجت ضمن الأقاليم التي تتمتع بالحكم الذاتي، وبالتالي الإعتراف الدولي بإحتلال المغرب لإقليم لا يتبعه ولا يخضع لسيادته من أجل ذلك نرى ضرورة إنهاء إحتلال الصحراء الغربية وتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره.
القضية الصحراوية وسياسة المماطلة
تقيم الجزائر مسار التسوية الذي ترعاه منظمة الأمم المتحدة منذ 1988 بأنه ينتهج سياسة المماطلة والتسويف، فرغم إنشاء بعثة المينورسو منذ 29 سنه خلت أي سنه1991لتطبيق مصير الشعب الصحراوي إلا أن الوضع لا يزال إلى يومنا هذا يراوح مكانه بسبب عجز الأمم المتحدة عن تنفيذ إلتزاماتها بتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقة غير القابل للتصرف في تقرير المصير والإستقلال، وتُحمل الجزائر المغرب المسؤولية القانونية على عدم تطبيق القرارات الشرعية الدولية، وإنتهاج النظام المغربي لسياسة المماطلة وتجميد ملف التسوية وذلك لغاية أساسية وهي نهب ثروات الإقليم المحتل.
الموقف الجزائري الثابت إزاء تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية يبرز أيضا في خطاب الرئيس عبد المجيد تبون أمام قمة الإتحاد الأفريقي في فبراير 2020 والذي عبرعن الأسف كون مسألة الصحراء الغربية لم تعرف بعد طريقها إلى التسوية، فمنذ سنوات طوال تعكف دون جدوى منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بدعم من الإتحاد الأفريقي على تطبيق مراحل خطة للتسوية المرسومة لقضية الصحراء الغربية المبنية على أساس حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير مصيرة.
يمكن الإشارة إلى أن الجزائر تسعى إلى توحيد الجهود الصادقة نحو إيجاد حل لقضية تصفية الإستعمار الوحيدة التي تبقى معلقة في أفريقيا، حل يضمن حق الشعب الصحراوي الثابت في تقرير مصيرة من خلال تنظيم إستفتاء حر ونزيه بما يتماشى وقرارات الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ذات الصلة، وعلى الصعيد الإنساني تساند الجزائر الشعب الصحراوي من خلال العديد من المناسبات مثل إصدار أمر رئاسي لفتح جسر جوي لنقل مساعدات إنسانية وطبية إلى الشعب الصحراوي .
بعض الرود الرسمية للهيئات الإقليمية والدولية حول القضية الصحراوية
يمكن أن نشير إلى موقف الإتحاد الأوروبي من خلال الممثل السامي للشؤون الخارجية للإتحاد الأوروبي جوزيف بوريل بشأن وهم مغربية الصحراء الغربية وذلك بعد فترة وجيزة من نشر وسائل إعلام مغربية لمعلومات مظللة ومغلوطة بشأن موقف الإتحاد الأوروبي من القضية الصحراوية مؤكداً أن موقف الإتحاد الأوروبي لا يمكنه أبدا أن يتناقض مع اللوائح الأممية حيث ذكر في هذا الصدد أن موقف الإتحاد الأوروبي إزاء الصحراء الغربية تحكمه لوائح مجلس الأمن الأممي وأنه يعتبر الصحراء الغربية إقليماً غير مُستقل ستحدد وضعه النهائي نتائج المسار الجاري الذي تقوده الأمم المتحدة، كذلك أحكام محكمة العدل الأوروبي التي أصدرت أحكاماً ببطلان الإتفاقيات الإقتصادية مع المغرب التي تشمل الصحراء الغربية .
بالنسبة للإتحاد الأفريقي فلقد حققت القضية الصحراوية مكسباً واضحاً وبإعترافه بالجمهورية الصحراوية بموجب بنود الميثاق التأسيسي للإتحاد الأفريقي الذي صادق عليه المغرب قبل إنضمامه إلى المنظمة في 2017 والتي من ضمنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها وإستقلالها وإحترام الحدود القائمة عن نيل الإستقلال.
وعلى إعتبار أن المغرب عضو في الإتحاد الأفريقي وبالعودة لسمو القانون الدولي على القانون الوطني الذي يدعو صراحة إلى إنخراط النظام المغربي في تمكين حق الشعب الصحراوي من تقرير مصيره عبر إستفتاء حر وغير مشروط يذهب المغرب إلى حد المُطالبة بإستبعاد الجمهورية الصحراوية من الإتحاد الإفريقي ضارباً بالأعراف الدولية والقوانين عرض الحائط وهو تحد صريح لباقي الدول الأعضاء بالإتحاد الإفريقي وإنتهاك صارخ لمبدأ المساواة والترابط بين البلدان الواردة في وثيقة تأسيس الإتحاد الإفريقي.
مركز العلاقات الخليجية الأفريقية
يناير 2021
لا يوجد تعليقات