◀️تنصيب الرئيس وماجاء في خطابه
لقد انهينا الجدل القانوني حول تعيين الرئيس وامكانية القسم من عدم ، في الاسبوع الاول التقى الرئيس بجميع القوى السياسية، وهذا يحسب له فهذا ما كنا نتمناه ولعل الرئيس اسيمي غويتا سيضع الحجر الاساسي لحلم مالي موحدة بجميع ابنائها .
في خطابه وعد الرئيس باعطاء مليار و٨٠٠ مليون لصالح المناطق الريفية ولتوفير المياه الصالحة للشرب ،
اهم التحديات التى تواجه الرئيس :
١- الحفاظ على وحدة الجيش : فهو يستمد قوته من المؤسسة العسكرية واي نزاع داخلي سيؤدي الى عدم الاستقرار والى انقلاب عسكري اخر .
٢- تعزيز القطاع الامن والدفاع والاستمرار في الهجوم : فسيكون له وصمة عار ان استطاعت الجماعات على التوسع اكثر في الجنوب او ان تكرر مثل حادثة فرابوغو . عليه ان يظهر ان الدولة يحكمها عسكر ، والا سيشعر الناس بأنهم يعيشون في عهد الرئيس الاسبق ايبكا .
٣- تنظيف مقربيه : الخروج الإعلامي لمقربيه وخاصة مستشاره القانوني لم يكن موفق ، وان لم يغير مستشاريه فيصعب عمله جدا . فالذين ينصحونه على مخالفة القوى الوطنية لانه الرجل الأقوى هم أول من سيتركونه في الأيام الصعبة .
◀️حول تعيين شوغيل ميغا رئيسا للحكومة :
لقد تأخر تعيين الرئيس الوزارء حتى ظن البعض بأن العسكر سيخونون حركة ٥ يونيو كما حدث من قبل حيث تم تعيين مختار وان بالتوافق مع جناح من الحراك . وحسب الانباء فإن التأخير كان بسبب موقف المحكمة العليا حيث رأت ضرورة اداء الرئيس للقسم والسؤال المطروح على اي سند قانوني اسند الرئيس ووقع على قرار تعيين سكرتير الحكومة ، بينما هذا ليس في مهام الرئيس انما رئيس الحكومة . فعلا نواجه مشكلة كبيرة في احترام النصوص في مالي .
◀️من هو شوغيل ميغا :
حصل على الدكتوراه في الاتصالات في الاتحاد السوفيتي ، وهو قائد طلابي سابق حيث رأس اتحاد طلبة الماليين في الاتحاد السوفيتي وعضو في حركة شباب الحزب الواحد ، ويعتبر الوريث السياسي للرئيس الاسبق الجنرال موسى تروري ،. في عام ١٩٩٧ اسس حزبه السياسي (mpr) الذي صار امتداد للحزب الواحد udpm اثناء حكم الجنرال موسى تروري .
شارك في الحكومة مرتين كوزير للصناعة والتجارة خلال الخمس السنوات الأولى ٢٠٠٢ الى ٢٠٠٧ للرئيس الاسبق امادو توماني توري ، ومن عام ٢٠٠٨ الى ٢٠١٣ تولى رئاسة هيئة تنظيم قطاع اتصالات في مالي ورجع مرة اخرى في الحكومة كوزيرا للاتصالات الناطق الرسمي للحكومة، ومن ٢٠١٥ الى ٢٠١٦ ، ٢٠١٨ رجع الى المعارضة بجانب المرحوم سومايلا سيسي واستمر معه بعد الانتخابات في تحالف (فدس) حيث كان يشغل منصب نائب الرئيس ، وبعد اختطاف سومايلا من قبل الجماعات الإرهابية شغل رئاسة التحالف ، و اثناء الحراك صعد نجمه في الساحة كالرجل الثاني والمتحدث الرسمي باسم الحراك ، وبعد مغادرة الامام محمود ديكو الساحة السياسية ، صار الرجل الاول في حركة ٥ يونيو الى الآن .
معروف بالجرأة فلقد رفع صوته مدافعا عن الجنرال في وقت لم يتجرأ الكثيرون حتى على ذكر اسم الرئيس موسى تروري خوفا من هجوم الديموقراطيين .
التحديات :
١- انشقاق في داخل حركة ٥ يونيو : في حال لم يرضى بعض الاطراف في الحركة على طريقة توزيع المقاعد ، ولقد ظهر بوادر الانشقاق منذ التشكيل الحكومي الاخير حيث ان الحزب الرئيسي في الحركة حزب (يرد) كان قد شارك في الحكومة بدون موافقة الحركة ، وعند اختيار مرشح الحركة لمنصب رئاسة الحكومة حيث ان الحركة (احدى الحركات المؤسسة لحركة ٥ ) كان تريد ترشيح رئيسها : الوزير الاسبق شيخ عمر سيصوكو . وفي تصريحة لهذا الاخير يوم التنصيب نفى ما ذكره قادة الحراك في خروجهم الاعلامي السابق بأن المرض الذي منعه من المشاركة .
٢- الشمولية في التشكيل الحكومي : في هذا الوقت يحرص كل حزب سياسي على الحصول على مقاعد وزارية كوسيلة لتمويل حملاته الانتخابية القادمة وخاصة ان الانتخابات القادمة انتخابات مزدوجة اي رئاسية وبرلمانية وهذا يتطلب تمويل كبير. ولذا منذ حدوث الانقلاب نرى اعادة تشكيل التحالفات والتوازنات السياسية وخاصة من الاحزاب الغير الموجودة في تحالف او حركة ٥ يونيو ، والاقصاء سيولد معارضة جديدة مما يهدد استقرار البلاد، وعلاوة على الاحزاب يجب ارضاء المجتمع المدني (النقابات ورجال الدين والجالية المالية في الخارج ) .
٣- تحقيق القضاء للذين ماتوا اثناء الحراك : سيكون لرئيس الوزراء مسؤلية كبيرة امام التاريخ ان لم يتم محاكمة المسؤولين في هذه القضية ، وان كان الامام محمود ديكو يعتبر المسؤول الاول امام التاريخ فإن شوغيل ايضا مسؤول ، فإذا تم هذا الامر بدون محاكمة فهذا يعني احداث جديدة واعطاء الضوء الاخضر للانظمة القادمة لقتل المتظاهرين .
حول اتفاقية الجزائر :
كثير من الاخوة رأوا بأن شوغيل لن يقبل بتنفيذ الاتفاقية بسبب موقفه من الاتفاقية وكتابه الذي كتبه حول القضية الازوادية ،لكن المسيرة السياسية لشوغيل تقول لنا عكس ذلك : فلقد دعم الرئيس في ٢٠٠٢ رغم ان الاخير كان من انقلب على قائده السياسي الجنرال موسى تروري ، ولقد تم توقيع اتفاقية الجزائر وشوغيل في حكومة الرئيس ايبكا بل كان الناطق الرسمي لها ، ولم يقدم استقالته احتجاجا بل استمر في الحكومة الى ان تم إعفاءه ، واثناء الحراك بصفته رئيس الحراك كان قد قابل حركة تحرير ازواد فبالتالي يظهر لنا بأنه رجل إعتاد على التنازل ، علاوة على ان المسألة اعمق واكبر من ان يكون مسألة شخصية .
الدكتور شوغيل ميغا خبير بالسياسة المالية ويعرف حجم المشكلة ولقد ترك بصماته في الاماكن التى مر بها فإن كان له نية حسنة سينجح في تغيير بعض الامور .
الحكومة القادمة وشكلها :
كما ذكرت من قبل يجب ان تكون الحكومة الجديدة حكومة وحدة وطنية حقيقية ، وان يكون اعضائها ٢٥ عضو تنفيذا لمخرجات الحوار الوطني الشامل ،طبعا العسكر سيحتفظون بالدفاع والامن الداخلي ، لكن اللامركزية يجب اعطاءها لتكنوقراطي محايد لضمان تنظيم انتخابات شفافة ، وكذلك الصحة والمالية والخارجية فهذه القطاعات الثلاثة تعاني مشاكل حقيقية فالدبلوماسية المالية ضعيفة بينما نحتاج الى شخص نشط في هذه المرحلة الحرجة ،امالصحة فمشاكلها واضحة للجميع ورغم استحالة حلها خلال هذه الفترة القصيرة فايجاد وزير جيد سيحسن الامور ، وفي الإقتصاد نحتاج الى وزير يمكنه تقديم حلول سريعة بدلا الاعتماد على الاستدانة.
اما الوزارت الاخرى فيمكن توزيعها بناءا على التوازنات السياسية .
اولويات الحكومة القادمة : ٨ اشهر قليلة جدا للتغيير فلذا اعتقد أنه يجب التركيز على الأمور الأساسية فقط وهي ثلاثة برأيي :،
١- تنظيم انتخابات نزيهة : فالدولة لا تحتاج الى ازمة انتخابية جديدة، فلقد رأينا تداعياته انتخابات ٢٠١٨ والانتخابات التشريعية في ٢٠١٩ وتكرار نفس الاخطاء يؤدي الى نفس النتائج . فكما قلت سابقا تنظيم انتخابات حرة هو المفتاح الوحيد للاستقرار السياسي في مالي .
٢- تعديل او صياغة دستور جديد : الحاجة الى دستور جديد ملحة واعتقد بأن المرحلة الانتقالية هي المرحلة المناسبة لها ، لأنه لو ترك للرئيس الجديد فسيصيغ الدستور حسب مصلحته : اما تحديد سن الانتخابات لاقصاء منافس او ان يعطي لنفسه ثلثي مجلس الشيوخ او استغلال الفرصة والاستمرار في المأمورية الثالثة . بينما في الوقت الحالي سيتم صياغة دستور جديد بموافقة جميع الاطراف .لكن ذلك لا يعني زيادة مواد تؤدي الى تهديد وحدة التراب المالي فإن ذلك سيعتبر خيانة عظمى، وطبعا لن يقبل الناس بدستور كهذا بسهولة .
اما ما يخص مادة ١١٨ من الدستور التى تمنع تغيير الدستور اذا لم تكن الحكومة تسيطر على مجمل التراب الوطني ،فأعتقد يمكن خرق هذه المادة كما تعودنا من خرق الدستور : بدءا بتأجيل الانتخابات التشريعية مرورا بحل المحكمة الدستورية وتعيين اعضاء المجلس الانتقالي الى تنصيب غويتا رئيسا للمرحلة الانتقالية فليكن هذا الخرق الاخير للدستور ، ومن ثم الذهاب الى جمهورية جديدة بدستور يعكس واقعنا .
٣- توقيع اتفاقية مع النقابات : تواجه كل القطاعات في الدولة مشاكل ولكل النقابات مطالب فان لم تستبق السلطات توقيع اتفاقية معهم فسيتكرر اضراب اخر من النقابات الأخرى . والاضراب يكلف الدولة المليارات .
◀️الامر التى يجب على الرئيس ورئيس الحكومة تجنبه هو محاربة الفساد :في وقت الذي نستبشر بوحدة الكلمة ، اعتقد بأن على الرئيس و رئيس الحكومة ترك ملف مكافحة الفساد للرئيس المنتخب الجديد ، لأن هذا سيؤدي الى معارضة جديدة وسيتوجب عليهما مواجهة كوادر النظام السابق واحزاب الاغلبية السابقة والاستعداد لسلسلة اضرابات غير منتهية ، حيث يصعب ايجاد شخص سياسي مالي من جيل ١٩٩١ ليس عليه ملف فساد ، لذا يكون من الصعب مكافحة الفساد ،الا لو قاموا بالتمييز في العملية ، فالاولوية الآن هي الحفاظ على وحدة مالي والحصول على استقرار السياسي ، وسيتم مكافحة الفساد اذا اختار الشعب شخص نزيه في الانتخابات القادمة .
◀️لقد اجتمع الماليون اكثر من أي وقت مضى فهذه بشارة ، نتمنى ان تكون نهاية عصر التيه وبداية النهضة المالية .
حفظ الله العباد والبلاد .
عبدالرحمن سيبي
كاتب وباحث من جمهورية مالي
لا يوجد تعليقات