عاتبني البعض أنني كنت متشائما .. وأنا أقدم قراءتي لمآلات مفاوضات السلام التى بدأت الإسبوع الماضي .. بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال .. بقيادة الفريق الحلو .. و ذلك عبر فضائية سودانية 24 .. وتعدد السائلين والمشفقين دفعني للعودة للموضوع في هذه المساحة ببعض التفصيل والإضافات المهمة .. والواقع أن الأمر لم يكن تشاؤما ولا تفاؤلا .. بقدرما هو قراءة للمعطيات المطروحة .. ولن يختلف إثنان أن ثمة مسألة جوهرية هل التى تحدد .. والى حد بعيد .. مدى فرص النجاح أو التعثر لأي تفاوض بين طرفين .. وهي مدى التقارب أو التباعد بين ذينك الطرفين فى المواقف .. قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات .. وإذا كان البعض يري أن التوقيع على إعلان للمبادىء قبل جولة المفاوضات .. قد إختصر كثيرا من الأمر .. وقطع شوطا في التقريب بين طرفي التفاوض .. فإن مسالة أخرى تعكس في وقع الأمر .. أن ثمة بون شاسع سيلقي بظلاله على سير المفاوضات .. ونعني بذلك إتفاقية جوبا للسلام ..الموقعة بين حكومة السودان وأطراف العملية السلمية من قوى الكفاح المسلح ..!
هذه الإتفاقية التى وقعت عليها الحكومة وتبنتها وتعمل على تنفيذها الآن .. أي أنها معترفة بها بالكامل .. ترى فيها الحركة الشعبية بقيادة الحلو .. شرا مستطيرا حاق بالسودان وأهله .. وأنها لم تقدم حلولا .. بقدرما أفرزت وستفرز أزمات جديدة .. الخلاصة أن الحكومة تعترف بإتفاقية جوبا و الحركة لا تعترف فيها .. وأسوأ ما يمكن أن يحدث الآن أن تتمترس الحكومة أو بعض أطرافها .. خلف منطق .. أيما قضية حسمت في جوبا .. فلا سبيل لفتحها مرة أخرى .. إذن هاتان نقطتان مثيرتان للجدل .. ويظل في وارد الإحتمال .. تأثيرهما على سير المفاوضات ..!
ولعل قراءتى كانت الأقرب الى الواقع .. ففي سؤال مباشر خلال البرنامج عن فرص نجاح جولة المفاوضات الحالية .. كانت إجابتي أن الوساطة قد حددت مسبقا أن تتنتهي الجولة الحالية والتى بدأت في السادس والعشرين من مايو الحالي .. في السادس من يونيو المقبل .. عليه فإن نجاح الطرفين في إقرار أجندة للتفاوض حولها يمكن أن يكون أفضل نجاح يتحقق في الجولة الحالية .. وقبل أن تنقضي أربعة وعشرون ساعة فقط من حديثي ذاك .. كانت الوساطة تعلن رسميا .. تعليق أو تأجيل جلسات التفاوض المباشر حتى الإثنين الحادي والثلاثين من هذا الشهر .. والسبب أن الحركة الشعبية كانت قد تقدمت للوساطة بورقة إطارية .. ترى فيها الإطار الحاكم لمسار المفاوضات .. وليس إعلان المبادىء كما رشح عن بعض المصادر .. في بعض المواقع .. بل إن وفد الحركة قد عكف على إعلان المباديء وعمل فيه تشريحا وتفصيلا .. وخرج من ذلك بخارطة طريق ترى أن تسير عليها المفاوضات .. والمؤكد أن هذه الخارطة تضم الأجندة والقضايا التي ينبغي أن يتم التفاوض عليها وفقا لرؤية الحركة بالطبع .. وواهم من يظن أن موقف الوفد الحكومى .. أو بعضه على الأقل .. سيأتي متطابقا حذو كالنعل مع إطارية الحركة هذه .. ويكفي أن الوفد الحكومى قد احتاج لنحو خمس أيام للرد على ورقة الحركة الإطارية .. !
بالنسبة لي .. وبناءا على كل ما سبق .. لدي يقين راسخ أن الوساطة ربما تضطر لتمديد أمد هذه الجولة لما بعد السادس من يونيو .. فقط للوصول مع الأطراف .. الى أجندة متفق عليها يمكن التفاوض حولها .. وما زلت متمسكا برأيي ايضا .. أن مجرد الوصول الى إتفاق حول الأجندة .. سيمثل نجاحا .. بل وإختراقا .. يمكن التأسيس عليه لمستقبل المفاوضات ..!
لا يوجد تعليقات