معركة الفاشر، وثبات الدولة الوطنية “رؤية إفريقية”

Scroll Down — Scroll Created with Sketch.

 

هناك قاعدة عسكرية قديمة تقول “إذا كرر عدوك الخطأ مرتين فهذا يعني أن الأمر يتعلق بكمين”.

 

تطلق النخب الفرانكفونية في القارة الإفريقية على مدينة الفاشر السودانية لقب “La pierre angulaire” وتعني باللغة العربية “حجر الزاوية”، وذلك على أثر تناول المجالس الثقافية الإفريقية في الكثير من منتدياتها العلمية الأزمة السودانية بإعتبارها نموذج إفريقي حديث لمقاومة السطو الدولي المسلح على مقدرات الدول الإفريقية، وجبهة مقاومة حقيقية مانعة لإعادة تعريف مفهوم الدولة الوطنية في إفريقيا والحفاظ عليها، ووجهة مستقبلية لكليات القيادة والأركان الساعية لتطوير مفهوم علم العقيدة العسكرية، ومسرحاً ميدانياً لكيفية القضاء على المليشيات المتعددة الجنسيات والولاءات وإستئصال جذورها.

 

هناك ثمة أمران هامان تدركهم كافة القيادات السياسية في القارة الإفريقية تماماً كما تدركهما قيادة مليشيا ⁧‫الدعم السريع، الأمر الأول هو⁩ أن معركة الفاشر هي الفصل الأخير لإستعراضها الدموي الذي سيسجله ⁧‫التاريخ⁩ من عمر الدولة السودانية، وإن لم تكن معركة الفاشر هي المسمار الأخير الذي سيدق في نعشها، فهي قطعاً جاءت لإستحقاق لحظة القصاص التي طالما تاقت لها أرواحٌ إرتأت ذات يوم أن تواجه بربرية لم يشهدها ⁧‫السودان⁩ في تاريخه الحديث، والأمر الثاني هو وبالرغم من الهزائم المتواصلة التي منيت بها مليشيا الدعم السريع، وفقدانها السيطرة على إيقاف حالة الإفلاس الأخلاقي والسياسي والعسكري التي تحيط بها، إلا أن محاولاتها اليائسة لفرض واقع جديد في المشهد السياسي السوداني ما زالت متواصلة، ولا يدفعها لذلك إيماناً بقضية أو تأصيلاً لمبدأ، أو حتى دفاعاً عن حرمة وطن تفتقر لأبجدياته، فهذه ركائز لا يكتسبها المرء إكتساباً بل تتوالد في وجدانه تدريجياً ليكون المحك الحقيقي لصدقها وثباتها هو ذاته الفيصل الذي يحدد حجم التضحية في سبيلها.

 

تشير العمليات العسكرية الأخيرة التي يخوضها ⁧‫الجيش السوداني⁩ بتقدم إلى ثلاثة نقاط رئيسية نجحت ⁧‫الخرطوم⁩ بإرسالها إلى المجتمع الدولي، الذي وإن كان مُدركاً لحقيقة الحرب السودانية، إلا إنه لم يعد قادراً على إطالة أمدها وتحمل تبعاتها، التي كان يُعتقد بإنها ستكون مقتصرة على الداخل السوداني، والذي يبدو أن الأطراف الدولية توقفت عن قراءته بعد نجاحها في إنفصال جنوبه 2011، وكأن ⁧‫السودان⁩ في مخيلة العقلية الغربية وحلفاءها لم تعد له قيادة قادرة على الرفض والتخطيط والمواجهة إن لزم الأمر، وهذا ما لم تدرجه تلك الأطراف في إعتباراتها وحساباتها الأمنية والإستخباراتية وهي تغض الطرف عن مليشيات متعددة الأعراق والجنسيات والولاءات حظيت برعاية ودعم لم تشهد ⁧‫إفريقيا⁩ له مثيل حتى في تاريخها الإستعماري .

نجحت القيادة السودانية في إرسال ثلاثة رسائل إلى المجتمع الدولي ومؤسساته:

  • الحرب التي تخوضها مليشيا الدعم السريع ضد القوات المسلحة السودانية هي حرب لإستئصال الدولة السودانية، ومواردها، ومؤسساتها الوطنية، وتجريف شعبها بكافة مكوناته، وبعيدة كل البعد عن تحقيق إرادة وطنية، وعدالة إجتماعية، وديموقراطية يتساوى أمامها الحاكم والمحكوم، وبالتالي مواجهتها والقضاء عليها “واجب مقدس” لا مناص عنه.
  • توافق كافة المكونات العسكرية السودانية وتوابعها الأمنية والمدنية على أن مليشيا الدعم السريع المتعددة الجنسيات ما هي إلا أداة تنفيذية لإعادة رسم الخارطة الإقليمية وفقاً لرؤية خاصة متضادة مع مستقبل ⁧‫السودان⁩ ومصالح منطقة القرن الإفريقي قاطبة.
  • ‏إضطرار كافة الأطراف الدولية الفاعلة في الساحة السودانية بإعادة حساباتها السياسية والأمنية من الأزمة السودانية، بعد إدراكها الكامل بإستحالة تحقيق مكاسبها الخاصة من خلال جماعات خارجة عن القانون مهما تضاعف الدعم اللوجستي لها وتعددت أطرافه.
  • منذ أن بدأت أحداث 15 إبريل 2023 راهنت بعض الأطراف الدولية والإقليمية على سقوط الفاشر بيد مليشيا الدعم السريع، بعد سيطرة المليشيا على معظم ولايات الأقليم، إلا أن صمود الفاشر ما كان إلا طريقاً لمعركة ⁧‫الخرطوم⁩ ،فإعادة رسم الخارطة الدولية المستقبلية في سودان ما بعد البشير، لم تحدده معركة الخرطوم فقط بل فرضته معركة الفاشر، فلقد ألقت تلك معركة بتطوراتها ضوءاً على معترك سياسي- أمني-إستخباراتي أمام المؤسسة العسكرية السودانية تشير الوقائع الأخيرة أنها تجتازه بثبات.

 

‏بعد تحرير العاصمة الخرطوم وتوجه القيادة السودانية لتحرير دارفور برزت ثلاثة رؤى حول معركة الفاشر :

‏رؤية مليشيا الدعم السريع: ترى المليشيا بأن إستمرار بقاءها المستقبلي في سودان ما بعد البشير مرتبط ببقاء الفاشر في يدها، وما دون ذلك قد يفرض حالة من التأكل الداخلي باتت تشعر المليشيا بسريانه في جسدها المتهاوي، وتخشى أن يتطور ذلك إلى ما يعرف في علم الأمن الإستخباراتي بــ”الإفتراس التكويني”، فالفاشر في الحسابات الأمنية والإستخباراتية للمليشيا هي الأمل الأخير لإسترداد ثقة المكون العقدي الذي تنتمي إليه، وهي البوابة الوحيدة التي قد تقنع الأطراف الإقليمية والدولية بالإعتراف ولو مستقبلاً بحكومتهم المزعومة، وهي طوق النجاة الحقيقي لإعادة تنظيم الهيكل الداخلي للمليشيا، وترتيب أوراقها للعب دور سياسي جديد في السودان وجوارها الإقليمي،وتدرك قيادة المليشيا بأن حضورها في وجدان معظم كوادرها وحواضنها بات قاب قوسين أو أدنى من الإتقاء المبطن بالإزورار، بدليل تصريح “الناظر مادوبي” الموجة لقيادة المليشيا والذي قال فيه نصاً “لو ⁧‫متحرك الصياد⁩ دخل حدود شرق دارفور أنا سأعلن الإستسلام للجيش، ولن أسمح بحرب داخل الضعين”، في دلالة واضحة على تراجع منسوب الثقة بقدرة المليشيا على حسم معركة ⁧‫الفاشر⁩ لصالحها، ناهيك عن نكوصها في الحفاظ على مواقف حواضنها، وهذا ما يفتح الباب على مصراعية للتساؤل حول ماهية ذلك المكون العقدي الذي إرتكزت عليها حواضن المليشيا وكوادرها وأبت معركة الفاشر إلا الكشف عن سوءة ذلك المكون وقادته.

 

‏ رؤية قيادة الدولة السودانية: ترى أن التطورات المتلاحقة في الساحة السودانية ستتجاوز الفاشر، فالإنقسامات الحادة التي فرضتها هذه الحرب على كينونة الدولة السودانية جاءت كفرصة تاريخيّة في ظرف إستثنائي لقيادة حالفها الحظ أن تكون الرائدة لإسترداد الدولة بالكامل، وإعادة بناءها من الداخل فلا سودان بعد اليوم بدون إقليم دارفور كاملاً ومحرراً من مليشيات خارجة عن القانون متعددة الجنسيات والولاءات، فتبلورت رؤية القيادة السودانية بأن معركة الفاشر هي الطريق الأوحد لإجتثاث مشروع تقسيم البلاد من جذوره، فنجاح القوات المسلحة السودانية في إحكام قبضتها على الفاشر، وإحباط كافة العمليات المسلحة لمليشيا الدعم السريع من إختراق محيط المدينة، ساهم بشكل كبير في إسقاط الرهان عن المكون العسكري والأمني التابع لمليشيا الدعم السريع والذي كان يرادُ له أن يكون النواة الأولى لجيش حكومة ⁧‫تأسيس⁩ المزعومة، وهو ذاته ما ساهم في تكريس حالة الإنشقاق المعنوي بين كافة منتسبي المليشيا، وتأكيدها بأن بقاءها مستقلة أو عودتها لحضن الوطن نابع من رؤيتها المستقبلية لسودان ما بعد الحرب، فهذه العناصر لديها قناعة بأن الأزمة السودانية وتطوراتها المفصلية تمخض عنها سودان جديد بشعب جديد، لا يحمل من سودان الإنقاذ إلا ذكراه، وإن تاقت نفوس البعض إلى تلك الحقبة، إلا إنهم قطعاً لا يسعون لإعادتها، ويعود ذلك لتطور مفهوم الوطن لدى لمواطن السوداني، مما نتج عنه تشكيل رؤى مستقبلية ما كان لها أن تولد إلا بعد هذا المخاض العسير الذي شهدته أرض المقرن.

 

الرؤية الدولية: يدرك المجتمع الدولي بأن هناك حقائق في الساحة السودانية:

  • الأولى: المؤسسة العسكرية السودانية بعد تحرير ⁧‫الخرطوم⁩ ليست كما قبلها، وبات في إدراك كافة الأطراف الدولية والإقليمية بأن العقيدة العسكرية التي بات يتبناها ⁧‫الجيش السوداني⁩ لم تعد تلك العقيدة التقليدية التي تأسست عليها معظم المؤسسات العسكرية، فما تعرضت له ⁧‫السودان⁩ خلال السنوات الثلاث الماضية كفيل بإعادة صياغة الرؤية الوطنية لكافة المؤسسات السيادية في سودان المستقبل.
  • ‏ ️الثانية: المؤسسة العسكرية السودانية وكافة أجهزتها الأمنية تستعد لمواجهة ما هو أكبر من دحر مليشيات متعددة الجنسيات، والإمداد، والتوجهات، وذلك ميزان خاص لا تدركه إلا المؤسسات الأمنية الوطنية الحقيقية البعيدة عن الإشراف الخارجي والإدارة الأجنبية، ولقد باتت رؤية الأطراف الدولية لكيان وقيادة مليشيا الدعم السريع اليوم موحدة مفادها أن ⁧‫الدعم السريع⁩ لم يعد يستمد قوته وإستمرار بقاءه من الداخل السوداني الذي بدأ يصيغ رؤيته وفقاً لما أكتسبه من تجربة الحرب وما أسفرت عنه من تداعيات، وإن كانت تلك الحقيقة شابها الإلتباس في عهد الإنقاذ، فإن معركة الكرامة التي بدأت فصولها في إبريل 2023 جاءت لإجلاء ذلك وتبيانه.

 

التطورات المتلاحقة في الساحة السودانية تشير إلى أن العمليات العسكرية ستتجاوز مدينة “الفاشر”، فإذا كانت رؤية القيادة السودانية ومكونها الشعبي منذ عهد الإنقاذ 1989 حتى 15 إبريل 2023 مقتصرة على أن تحديات الإقليم الغربي من البلاد وتعقيداته الداخلية أكبر من قدرة القيادة على إحتوائها ومعالجتها، فإن الإنقسامات الحادة التي فرضتها هذه الحرب على كينونة الدولة السودانية جاءت كفرصة تاريخية في ظرف إستثنائي لقيادة حالفها الحظ أن تكون الرائدة لإسترداد الدولة، وإعادة بناءها من الداخل، فلا سودان بعد اليوم بدون إقليم ⁧‫دارفور⁩ كاملاً ومحرراً من رجس ⁧‫الجنجويد⁩ .

السيناريوهات المحتملة لمعركة الفاشر:

السيناريو الأول: “سيطرة ‫الجيش السوداني على دارفور”، هذا السيناريو مرتبط تحققه بثلاثة عوامل:

 -الحصول على عتاد عسكري متطور للجيش السوداني.

-إستمرار وتيرة إنشقاق وهروب منتسبي مليشيا الدعم السريع،

-سقوط الضعين، فسقوط الضعين في يد الجيش السوداني سيخل بالتوازنات الأمنية والسياسية للمليشيا ، خاصة أن “الناظر مادوبي” أعلنها صراحة قائلاً ” لو متحرك الصياد دخل حدود شرق دارفور أنا سأعلن الإستسلام للجيش”، وهذا لو حدث سينعكس على المكون الإجتماعي لكافة مدن دارفور، وبالتالي لن يجد الجيش السوداني ما يعيق مواصلة حراكه العملياتي المسلح نحو المدن الأخرى، فسيكون الجيش السوداني قد أحكم قبضته على عاصمتين في إقليم دارفور،”الفاشر”، و”الضعين”. (ما يعيق هذا السيناريو التداخل القبلي الكبير بين المكون الشعبي في دارفور وتشاد والذي يحتاج إلى إدارة إستراتيجية “خاصة” تعمل على تغيير الكثير من الوقائع على الأرض) .

 

‏ السيناريو الثاني: “سقوط الفاشر في يد مليشيا الدعم السريع”، وهذا السيناريو مرتبط تحقيقه بعدة عوامل أهمها:

– إسقاط الفاشر من الداخل بواسطة خلايا أمنية متعاونة مع المليشيا.( وهذا ما تسعى إليه المليشيا خاصة بعد مقتل اللواء علي يعقوب، فرؤية المليشيا للفاشر قبل مقتل يعقوب ليس كما بعدها).

– إنهاك الجيش السوداني بجره إلى مواجهات في ميادين غير محسوبة. (وهذا ما تبذل وستبذل قيادة المليشيا لأجل تحقيقه قصارى جهدها)، ما يعيق هذا السيناريو هو رؤية القيادة السودانية بأن معركة الفاشر إن لم تحسم لصالح الجيش السوداني فهذا يعني أن مشروع تقسيم البلاد ماضٍ في تقدمه، وسيتلاشى الرهان لإجهاض مشروع الحكومة الموازية، وسيتراجع الرصيد الشعبي للمؤسسة العسكرية السودانية. (وهذا ما تخشاه الخرطوم وستبذل قصاري جهدها ألا يحدث).

 

‏السيناريو الثالث: “بقاء الفاشر في يد الجيش السوداني”، وهذا يعني إستمرار المناوشات بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، مما سيعرض كافة مدن دارفور للهجوم تارة والتراجع تارة أخرى، وهذا سينعكس سلباً على واقع المدن الواقعة تحت سيطرة كلا الطرفين، والتي ستعتبر بعد تلك المناوشات بين الطرفين أهدافاً يعد إستهدافها حق مشروع مما سيفاقم الأوضاع الإنسانية، وسيستدعي ذلك تدخل المجتمع الدولي، والسيناريوهات بعد ذلك مطروحة بما فيها “مشروع إنفصال دارفور” والبدء بتنفيذه.

 

‏ السيناريو الرابع: “إقتسام الإقليم”، بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، ففي ظل إستمرار سباق التسلح بين الجيش السوداني والدعم السريع قد ترجح كفة طرف على طرف أخر في ميدان القتال، ومنعاً لتدويل الملف والذي قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه، فقد يتوصل الطرفان إلى إتفاق بقبول إقتسام الإقليم فيما بينهم، في مقابل حصول المتفوق عملياً في ساحات القتال على ثلاثة ولايات من مجموع خمسة. (رغم إستبعاد حدوث هذا السيناريو لحرص المؤسسة العسكرية السودانية على القضاء تماماً على المتمردين وعدم التوافق معهم من ناحية، وإصرار المليشيا على الحفاظ على أماكن حواضنها من ناحية أخرى، إلا أن تطور الأحداث في دارفور يبقى مفتوحاً لكافة الإحتمالات).

 

دعماً للجهود العملية الساعية إلى تعزيز دور الدولة الوطنية في سودان ما بعد البشير يقترح العمل على الأتي:

  • التعاون الإعلامي والتنسيق الإخباري مع كافة القنوات الإعلامية الإفريقية لمخاطبة الرأي العام الإفريقي لمواجهة كافة التنظيمات المتمردة على الدولة بإعتبارها أكبر تحدي مهدد لسلامة الدولة الوطنية الإفريقية وشرعية مؤسساتها.
  • التأثير في الحواضن الشعبية لمليشيا الدعم السريع والتي يحيا جلها اليوم في حالة من الريبة والتوجس، مع توارد أنباء بإنشقاق أبناء المسيرية عن مليشيا الدعم السريع بسبب تقدم الجيش السوداني في ⁧‫كردفان⁩ ، وتسارع وتيرة الإحتدام بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا ⁧‫الدعم السريع⁩، فالمكون الشعبي في كافة المناطق التابعة لحواضن مليشيا الدعم السريع بات يدرك بأن قائد المليشيا “حميدتي” عندما سعى لإستقطاب قبائل بعينها لم يكن يسعى لتمكين مشروع وطني في السودان، وهذا ما أكده الكاتب “يوسف عبد المنان” ذات مره عندما قال “مشروع حميدتي في السودان لا علاقة له بالداخل السوداني ولا بأي أجندة وطنية، بل هو مشروع جاء نتيجة تلاقي أهداف وأجندات لعدة جهات توافقت مع منطلقات ⁧‫حميدتي⁩ الذي يريد أن يحكم السودان ويحولها لمملكة، فالمنطلقات التي إنطلق منها قائد مليشيا الدعم السريع هي منطلقات شخصية ليست وطنية “، وهذا ما يفسر برأيي تنامي ظاهرة إنشقاق وهروب بعض منتسبي المليشيا إلى جهات غير معلومة.
  • تشكيل فريق سوداني خاص متخصص في فيما يعرف في علم الإستخبارات العسكرية ب “Diplomatie transactionnelle La ” وتعني “دبلوماسية المعاملات”، وهو نوع من الدبلوماسية تعطي الأولوية لديناميكيات القوة الإقتصادية والأمنية على حساب التحالفات طويلة الأمد والتوازنات الإستراتيجية.
  • الإنخراط في التحالف الإستراتيجي الجديد الذي تسعى أنقرة على تشكيله مع دول منطقة القرن الإفريقي والذي بات قاب قوسين أو أدني من التنفيذ، وأرى أن هذه الشراكات الإستراتيجية تحتاجها ⁧‫الخرطوم⁩ تكريساً لشرعيتها الوطنية، وإمعاناً في عزل مليشيات الدعم السريع عن المشهد السياسي السوداني وإضعاف تعاطيها الإقليمي والدولي مع كافة الأطراف.
  • الإسراع في تشكيل تكتل أمني بقيادة السودان لمكافحة كافة التنظيمات المسلحة المهددة للدول الوطنية، بإعتبارها أحد الدول التي عانت من وجود تلك التنظيمات ولها الخبرة الواسعة في مواجهتها وإضعاف دورها، ولتحقيق ذلك يمكن الإستثمار في توطيد العلاقات مع الدول الإفريقية التي تعاني من وجود مليشيات تسعى للسيطرة على الدولة الوطنية مثل “نيجيريا” و “الكاميرون” و “غانا”، خاصة أن هناك توجه مشترك لتلك الدول بالتعاون مع الخرطوم في مجال الأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب، وبرز هذا التوجه مؤخراً بعد نجاح الجيش السوداني في تحييد مليشيا الدعم السريع وتحرير العاصمة الخرطوم، وتعاون السودان الأمني مع تلك الدول وعلى رأسهم “نيجيريا” في هذا الملف يعتبر إضافة وسيعزز أمن الدولة الوطنية، وسيشجع العديد من الدول الإفريقية بالإنضمام إلى هذا التكتل.
  • العمل على تطوير برامج إعلامية “خاصة” تفند الأطروحات السياسية المغلوطة التي تحاول تعكير صفو الأمن العام ومنها ربط نتائج الأحداث السودانية بالسيناريو الليبي في إشارة إلى تكراره في السودان وهذا خطأ، وسبق وأن أشرنا بأن السيناريو الليبي ليس له محط قدم في سودان ما بعد البشير، فالبيئة السياسية والدينية التي تأسست عليها الدولة السودانية منذ ما قبل الإستقلال حتى اليوم مختلفة تماماً عن البيئة الليبية، ناهيك عن التركيبة النفسية والفكرية للمواطن السوداني والتي لا يصعب فهمها، فالرفاهية الفكرية والمرونة الاجتماعية أكسبت المجتمع السوداني على مدى التاريخ نوعاً مما يمكن أن نطلق عليه “Haute vision”، وتعني “سمو الرؤية” وهذا ما إنعكس على محيط الحياة التي يحياها المواطن السوداني، ولا أعني بسمو الرؤية هنا علو الرؤية لكمالها أو جلالها، ولكن أعني قدرة المجتمع السوداني على تحويل من يحيا فيه بالذهاب به “فكرياً” إلى ما هو أبعد من نقطة النهاية تماماً كقدرته على إرجاعه لما قبل بدايتها، ويكفي المرء منا أن يحضر تجمعاً سودانياً، شيوعياً كان أو ليبرالياً، إسلامياً كان أو مسيحياً ليُدرك قدرة المجتمعات المتضادة في إتجاهاتها والمتوافقة في وطنيتها.

 

مشاركة علمية للباحثة يمكن الاطلاع عليها على الرابط التالي:

معركة الفاشر، وثبات الدولة الوطنية “رؤية إفريقية”

 

د.أمينة العريمي
باحثة إماراتية في الشأن الإفريقي

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

0%
Drag View Close play
Style Color
Style Layout